Table of Contents
منذ عام 2012، توفي 382 ناشطًا بيئيًا في كولومبيا، وهي حصيلة أنشطة إجرامية مقلقة، تظهر إلى أي حد بلغ خطر استهداف المدافعين عن المجال البيئي و حمايته من الأضرار و الاختلالات من اجل ان يستفيد المجتمع الكولومبي من حياة آمنة و سليمة.
60 جريمة قتل لنشطاء البيئة
وباتت كولومبيا تعد أخطر دولة في العالم بالنسبة لعلماء البيئة وفقا للتقرير السنوي لمنظمة “غلوبال ويتنس” الذي نشر على نطاق واسع في وسائل الاعلام اللاتينية والذي أكد على ارتكاب حوالي 60 جريمة قتل لنشطاء حماية البيئة خلال سنة 2022، حيث اعتبرت المنظمة هذه الحصيلة الجديدة بأنها “عام كارثي آخر للبلاد”. كما أن رقم هذه الحصيلة يكاد يكون ضعف الرقم المسجل في عام 2021 الذي قتل فيه 33 مدافعا عن البينة خلال مزاولتهم لعملهم.
هجمات شرسة
ومما قالته المنظمة في تقريرها السنوي الذي نشر مؤخرا: “مرة أخرى، تعرضت الشعوب الأصلية والمجتمعات ذات الأصول الأفريقية وصغار المزارعين والناشطين البيئيين لهجوم شرس”.
ومع ذلك، تشير المنظمة إلى أن “هناك أمل”، منذ أن وعد الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو “بالتحول الاجتماعي وتوفير حماية أكبر للمدافعين” عندما تولى منصبه، و “لم تلتزم به أي من الحكومات السابقة”.
حكومة ايفان جوكي تعرضت للانتقادات بسبب تقاعسها
وكان العام الماضي “عام التحول السياسي في البلاد”، إذ يسلط التقرير الضوء على أن “حكومة إيفان دوكي (التي تعرضت لانتقادات شديدة بسبب تقاعسها وما ترتب على ذلك من “إبادة جماعية” للقادة الاجتماعيين”.
و من خلاصات التقرير ان حكومة غوستافو بترو، والتي يتضمن “لأول مرة” جدول أعمالها السياسي، وعلى وجه التحديد، الحاجة إلى حماية المدافعين ومعالجة أسباب الهجمات ضدهم”. وكذلك حالة يسيد بلانكو، وهو طبيب أطفال كولومبي منفي في الولايات المتحدة بعد تلقيه تهديدات بسبب شكاواه ضد مكب نفايات سام في باتيو بونيتو، في بارانكابيرميخا، والذي “كان له آثار مدمرة على صحة مجتمعه وكان بمثابة كارثة على البيئة”.
الاستراتيجيات غير القاتلة
وبحسب التقرير، قُتل ما لا يقل عن 177 مدافعاً عن البيئة العام الماضي في العالم، و”على الرغم من أن الرقم العالمي أقل قليلاً مما كان عليه في عام 2021، عندما تم تسجيل 200 جريمة قتل، فإن هذا لا يعني أن الوضع تحسن بشكل كبير”.
وحذرت منظمة “غلوبال ويتنس” من أن “الاستراتيجيات غير القاتلة، مثل التجريم والمضايقة والهجمات الرقمية، تُستخدم بشكل متزايد لإسكات المدافعين عن البيئة”، مضيفة أن “الوضع في أمريكا اللاتينية لا يزال مقلقًا بشكل خاص”.
عدد جرائم القتل متزايد
وفي عام 2022 سجلت المنطقة 88 في المائة من جرائم القتل “عدد متزايد” وإجمالي 11 دولة من أصل 18 دولة تم توثيق حالات القتل فيها عام 2022 كانت في أمريكا اللاتينية. وتتصدر كولومبيا والبرازيل والمكسيك قائمة أخطر الدول في العالم المدافعة عن الطبيعة وعن مجالها البيئي.
وحذرت المنظمة من أن “أرقام عام 2022 بالنسبة لكولومبيا هي تذكير واقعي بحجم العمل الذي لا يزال يتعين القيام به على وجه السرعة”، وأشادت بالتصديق على اتفاق إسكاثو.
وسلط التقرير الضوء على قضية تيوفيلو أكونيا، الزعيم الذي تم قتله في فبراير 2022 مع زميله المدافع خورخي ألبرتو تافور، وقد أبلغ كلاهما عن تهديدات قبل أيام قليلة من مقتلهما بحسب تأكيد عدة صحف محلية.
الدفاع عن البيئة مهمةً محفوفة بالمخاطر
في كولومبيا، أصبح الدفاع عن البيئة مهمةً محفوفة بالمخاطر. فمع تزايد استغلال الموارد الطبيعية، يواجه المدافعون عن البيئة عددًا متزايدًا من التهديدات وأعمال العنف، وغالبًا ما يقعون ضحايا لجماعات إجرامية لا تتسامح مع عملهم.</p>
لا تؤثر هذه الظاهرة على من يناضلون من أجل حماية التنوع البيولوجي والاستدامة فحسب، بل تُمثل أيضًا هجومًا خطيرًا على حقوق الإنسان والديمقراطية في ا
لبلاد. على مر السنين، اشتهرت كولومبيا بتنوعها البيولوجي الغني، حيث تضم أنواعًا من النباتات والحيوانات تفوق ما تضمه العديد من دول العالم. ومع ذلك، تعرضت هذه الثروة الطبيعية لتهديد مستمر من أنشطة غير قانونية مثل التعدين وقطع الأشجار العشوائي والاتجار بالمخدرات.
</p>
في هذا السياق، يصبح قادة البيئة، الذين يدافعون عن أراضيهم ومواردهم الطبيعية، أهدافًا سهلة للجماعات المسلحة والمافيا التي تسعى إلى ترسيخ سيطرتها على
الأرض. الوضع مُقلق. ووفقًا لتقارير من منظمات مثل “غلوبال ويتنس”، تُعد كولومبيا واحدة من أخطر الدول على المدافعين عن حقوق الإنسان البيئية. في السنوات الأخيرة، شهدت البلاد زيادةً ملحوظةً في عدد جرائم قتل النشطاء البيئيين.
تأثير مناخ العنف مخيف
يُحدث هذا المناخ من العنف تأثيرًا مُخيفًا، يُثني الآخرين عن الدعوة لحماية البيئة، مُنشئًا حلقة مفرغة يصبح فيها الصمت والتواطؤ هو القاعدة. غالبًا ما تكون جرائم قتل المدافعين عن البيئة نتيجة عمل طويل الأمد. هؤلاء القادة ليسوا حماة الحيوانات والنباتات فحسب، بل أيضًا المجتمعات التي تعيش وتعتمد على هذه النظم البيئية.
يشمل عملهم التنديد بانتهاكات حقوق الإنسان وتعزيز الممارسات المستدامة، وكلها تُمثل تهديدًا مباشرًا للمصالح الاقتصادية لقطاعات الصناعات الاستخراجية. وهكذا، من خلال نشر القضايا البيئية والاجتماعية، يُصبحون أعداءً للقوى المهتمة بالحفاظ على الوضع الراهن. غالبًا ما يتصرف مرتكبو هذه الجرائم بإفلات تام من العقاب، مما يُهيئ بيئة تُتسامح فيها أعمال العنف، بل وتُشجع عليها في بعض الحالات.
ثمة حاجة إلى تغيير جذري في الثقافة المحيطة بالقضايا البيئية
وقد وُجهت انتقادات إلى الدولة الكولومبية لعدم اتخاذها إجراءات فعالة لحماية هؤلاء المدافعين. ورغم تنفيذ بعض التدابير، إلا أن النتائج لا تزال غير كافية، وغالبًا ما تأتي متأخرة، بعد أن سفك القتلة دماء كثيرة. يجب على الحكومة والمجتمع الدولي معالجة هذا الواقع المؤلم. إن الضغط والمراقبة من قبل منظمات حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية أمرٌ بالغ الأهمية لضمان اتخاذ تدابير فعّالة لحماية أولئك الذين يُخاطرون بحياتهم في سبيل كولومبيا أكثر استدامة.
ومن الضروري وضع آليات لضمان سلامة المدافعين، ومعاقبة مرتكبي هذه الجرائم الفظيعة بشكل مناسب. علاوة على ذلك، ثمة حاجة إلى تغيير جذري في الثقافة المحيطة بالقضايا البيئية. ومن الضروري تعزيز التثقيف والتوعية بأهمية النظم البيئية والدور الذي يلعبه المدافعون عن البيئة. هؤلاء الأفراد ليسوا مجرد ناشطين؛ بل هم حُماة مستقبلنا، ، يتحدثون باسم المجتمعات التي لا صوت لها، ويواجهون الفساد والجريمة المنظمة.
من الضروري مكافحة الافلات من العقاب
إن الحفاظ على البيئة مسألة تهم الجميع، ويجب أن يكون التزامًا جماعيًا. لذلك، من الضروري أن تتضافر جهود الدولة والمجتمع المدني لمكافحة الإفلات من العقاب، وتعزيز بيئة مواتية للدفاع عن حقوق الإنسان، حيث يُسمع كل صوت، ويُحترم الحق في الدفاع عن الحياة والبيئة المحيطة بنا.
إن كل جريمة قتل لمدافع عن البيئة تُذكرنا تذكيرًا مؤلمًا بأنه لا يزال هناك الكثير مما يجب القيام به لحماية أولئك الذين يُساهمون إسهامًا كبيرًا في المجتمع والطبيعة.
وبهذه الطريقة فقط يمكننا أن نطمح إلى مستقبل حيث السلام والاستدامة حقيقة واقعة، وحيث تتعايش الحياة البشرية والتنوع البيولوجي في وئام.