Table of Contents
نظام البغاء تعبير عن العنف
بعد الضربة القاضية التي تلقاها حزب العمال الاشتراكي الإسباني جراء الكشف عن تورط بعض قادته فيما تسميه وسائل الإعلام المحلية “مؤامرة الفساد”، يتجه الحزب إلى عملية تخليق داخلية مثيرة.
ففي قصاصة لوكالة “إيفي”، عممت نشرها عدة مواقع وصحف ورقية وبتتها قنوات تلفزيونية، تشير إلى أن الحزب سيطرد من صفوفه كل مناضل ثبت أنه يمارس الدعارة، أي ان كل عضو زار برغبة جنسية جامحة الأماكن التي تشتغل فيها بائعات للجنس لمارسته مع واحدة منهن أو أكثر، سيكون مصيره الفصل نهائيا من صفوف وتنظيمات الحزب.
تسريب السجالات الصوتية للمتورطين في البغاء
ووفقا لنفس القصاصة فإن حزب العمال الاشتراكي الإسباني، أعلن يوم أمس الجمعة، قبل ساعات من اجتماع لجنته الفيدرالية، أن أحد الإجراءات التي سيعزز بها، في أعقاب تسريب التسجيلات الصوتية للمتورطين في “قضية كولدو”، ترسانته القانونية، هو تضمين قوانينه لطرد أي شخص من الحزب يمارس الدعارة.
مادة في ميثاق اخلاقيات الحزب لمواجهة البغاء
و قد أشارت القصاصة إلى أن الحزب سيُحدّث المادة 4.5 من ميثاق أخلاقياته ليصبح نصها على الشكل يلي: “نحن في الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني نعتبر نظام البغاء تعبيرًا عن العنف ضد المرأة، ويتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان والأخلاق الديمقراطية، إذ ينطوي على معاملة المرأة كأشياء أو سلع لا كأصحاب حقوق”.
نعلن أنفسنا مناهضين للبغاء لأننا ندافع عن نموذج اجتماعي يُكافح من أجل القضاء على الأسباب التي تُجبر النساء على ممارسة البغاء، لأن هذا يتعارض مع النموذج الاجتماعي الذي نقترحه: المساواة واحترام كرامة الإنسان، والدفاع عن حقوق المرأة.
ولذلك، يُعتبر التماس أو قبول أو الحصول على فعل جنسي من شخص مقابل أجر مخالفً تمامًا للعضوية في الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني، وستُعامل الهيئات الفيدرالية هذه الحالات كجريمة خطيرة للغاية وفقًا للقوانين الفيدرالية، مع فرض أقصى عقوبة، وهي الطرد من الحزب”.
الهدف من قانون محاربة البغاء استعادة أصوات النساء
وتفيد القصاصة أن القرار اتُّخذ خلال اجتماعٍ عُقد يوم الجمعة بين الأمين العام لحزب العمال الاشتراكي الإسباني ورئيس الوزراء، بيدرو سانشيز، وأمناء المساواة الإقليميين والمتحدثين باسمهم في البرلمان.
وبحسب الخلاصة التي استنتجتها الوكالة، صحابة القصاصة، أن بيدرو سانشيز يهدف من خلال هدا القانون إلى تهدئة الجدل الإعلامي السلبي الذي أثارته التسجيلات الصوتية لمحادثاتٍ بين كولدو وأبالوس، والتي تحدثا فيها حتى عن تبادل الزوجات بنبرةٍ “متحيزة جنسيًا” أثارت “سخطًا” و”اشمئزازًا” لدى الزعيم الاشتراكي نفسه.
ويهدف كل هذا إلى استعادة بعض أصوات النساء التي تُمثل، في حالة حزب العمال الاشتراكي الإسباني، 60% من إجمالي الأصوات – والبدء في تحسين أرقام استطلاعات الرأي التي تضع الحزب في أدنى مستوى له منذ بداية المجلس التشريعي.
جرائم انتهاك الحرية الجنسية
حاليًا، لا ينص القانون إلا على طرد المُدانين بجرائم انتهاك الحرية الجنسية. وفي مؤتمر إشبيلية في نوفمبر الماضي، اقترحت عدة مجموعات إقليمية أيضًا توسيع نطاق هذا الاقتراح ليشمل مُتعاطي الدعارة، على الرغم من رفضه في النهاية.
أثار الجدل حول مشروع قانون بيدرو سانشيز المقترح لطرد أي عضو يُثبت تورطه في الدعارة من الحزب آراءً متباينة داخل الحزب وخارجه. تسعى هذه المبادرة إلى معالجة قضية جدلية تمس الجوانب الأخلاقية والاجتماعية للحياة العامة للنواب السياسيين.
يرى سانشيز أن هذا الإجراء ضروري للحفاظ على نزاهة الحزب وصورته، وتعزيز سياسة تتميز بقيمها ومبادئها. مع ذلك، فيما يرى منتقدو المقترح أن هذا الإجراء قد لا يؤدي فقط إلى وصم من يمارسون الدعارة، بل يثير أيضًا تساؤلات حول الحرية الشخصية واستقلالية الأفراد، بما في ذلك حقهم في اتخاذ القرارات بشأن أجسادهم وحياتهم.
البغاء موضوعا محرما ومعقدا
يأتي هذا القانون في سياق لا يزال فيه البغاء موضوعًا محرمًا ومعقدًا في المجتمع الإسباني، ويشمل نقاشات حول حقوق العمل والاستغلال، والترويج لسياسة أكثر شمولًا. يجادل كثيرون بأنه بدلاً من طرد من يختارون ممارسة البغاء، سيكون من الأجدى إقامة حوار من شأنه أن يؤدي إلى تحسين ظروف العمل وحقوق هؤلاء الأفراد.
وقد أثار الاقتراح أيضًا ردود فعل داخل الحزب الاشتراكي نفسه وجارجه ووسط الأحزاب وجمعيات المجتمع الدني.
فقد أعرب بعض الأعضاء عن دعمهم لإعطاء الأولوية للشمول واحترام تنوع الخيارات الشخصية، بينما أيد آخرون الموقف الأكثر تحفظًا الذي يسعى إلى وضع الحزب كمعقل للأخلاق. ختامًا، يمثل القانون الذي روّج له بيدرو سانشيز محاولة لتطهير الحزب، ولكنه يُسلط الضوء أيضًا على التوترات المستمرة حول البغاء والحاجة إلى معالجة هذا الواقع بطريقة أكثر شمولاً وأقل عقابية.
النقاش لم ينتهِ بعد، ويمكن أن يُمثل مستقبل هذه المبادرة نقطة تحول في كيفية التعامل مع قضايا الحقوق والأخلاق المعقدة في السياسة الإسبانية.