وصل 54 مهاجرًا قاصرًا إلى شواطئ سبتة مساء ليلة السبت، وفقًا لحكومة مدينة سبتة المحتلة المتمتعة بما يسمى “الحكم الذاتي”.
استمرار وصول مهاجرين ضمنهم قاصرين، منذ عدة أشهر، دفع رئيس حكومة سبتة المحتلة، خوان خيسوس فيفاس، العضو في الحزب الشعبي، إلى طلب المساعدة من الحكومة المركزية للمساعدة في حل وضع تزعم أنه “مسألة دولة”، ووفق تأكيدات المصادر الإعلامية المحلية و الإسبانية. فقد طلب من الحكومة ألا تتركهم و”شأنهم”، مطالبًا بإيجاد حلول في أسرع وقت ممكن. وصرحت الإدارة المحلية قائلةً: “يجب حل هذه المشكلة”.
من جانبها، نشرت وزارة شؤون الرئاسة والحكومة في سبتة عددًا كبيرًا من ضباط الشرطة المحلية في المدينة ذات الحكم الذاتي للسيطرة على وصول القاصرين وضمان عدم وقوع كارثة في البحر.
يُضاف هؤلاء القاصرون، الذين يزيد عددهم عن خمسين قاصرًا، والذين وصلوا إلى سبتة المحتلة، إلى 460 قاصرًا تحت رعاية حكومة المدينة ذات الحكم الذاتي، مما يُمثل انهيارًا، حيث تُصرّ سبتة على أنها لا تستطيع استيعاب أكثر من 132 شخصًا بشكل لائق.
ولهذه الأسباب، تترقب سبتة بفارغ الصبر توزيع القاصرين على جميع أنحاء إسبانيا، والذي سيُجرى في 28 أغسطس/آب، لكسر حالة الانهيار التي يعيشونها منذ شهور، وفقًا لتفسيرها.
و أثار هذا الوضع، الذي يكشف عن أزمة الهجرة التي تؤثر على أوروبا، ردود فعل متباينة لدى السلطات الإقليمية والوطنية، وكذلك لدى وسائل الإعلام الإسبانية. وصل المهاجرون، ومعظمهم من أصول أفريقية جنوب الصحراء، على متن عدة قوارب صغيرة، متحدّين ليس فقط ظروف البحر الخطرة، بل أيضاً عدم اليقين بشأن ما ينتظرهم عند وصولهم إلى بلد أوروبي جديد عليهم.
انضم هؤلاء القاصرون الأربعة والخمسون، بعضهم منفصل عن عائلاته وآخرون خاضوا الرحلة بمفردهم، إلى قائمة طويلة من الأشخاص الذين يحاولون عبور البحر الأبيض المتوسط بحثاً عن اللجوء وفرص العمل والأمان.
وكان رد فعل السلطات في سبتة فورياً. ففي بيان رسمي، أعلنت البعثة الحكومية في سبتة تفعيل بروتوكولات رعاية وحماية القاصرين. ونُقل الأطفال إلى مركز استقبال، حيث سيتلقون الرعاية الطبية والنفسية والتعليمية حسب الحاجة.
أكدت وزيرة الخدمات الاجتماعية، التي تحدثت عن هذا الموضوع، على أهمية ضمان حماية هؤلاء القاصرين، مؤكدةً على التزام إسبانيا الأخلاقي والقانوني برعاية الأطفال المهاجرين. كما دعت إلى تضامن المجتمع في رعاية هؤلاء الأطفال، الذين غالبًا ما يكونون ضحايا لأوضاع هشة. إلا أن هذا الوصول أثار جدلاً بين المسؤولين والسكان المحليين. وأشار البعض إلى أن سبتة تواجه بالفعل تحديات كبيرة تتعلق بإدارة الهجرة، وحذروا من الحاجة إلى المزيد من الموارد والدعم من الحكومة المركزية لمعالجة هذا الوضع بفعالية.
من جهة أخرى، أعرب العديد من المواطنين عن تضامنهم وتعاطفهم، وحثوا المجتمع على تقديم الدعم للمهاجرين الشباب والعمل معًا لإيجاد حل طويل الأمد. وقد غطت وسائل الإعلام الإسبانية وصول هؤلاء القاصرين على نطاق واسع، مقدمةً تفاصيل عن رحلتهم وسياقها. وتناولت مختلف وسائل الإعلام، في تقاريرها ومقالاتها، تعقيد أزمة الهجرة والظروف التي يُجبر فيها الأطفال المهاجرون على مغادرة ديارهم.
ونشرت بعض الصحف شهادات من منظمات غير حكومية تعمل في المنطقة، مؤكدةً الحاجة الملحة إلى سياسات شاملة وإنسانية. علاوة على ذلك، أُعطي خبراء الهجرة الكلمة، مشيرين إلى أهمية معاملة المهاجرين، وخاصة القُصّر، باحترام وكرامة. كما سلّطت التغطية الإعلامية الضوء على دور مسارات الهجرة في البحر الأبيض المتوسط، وكيف يمكن للسياسات الأوروبية أن تؤثر بشكل مباشر على حياة أولئك الذين يخاطرون بكل شيء بحثًا عن الأمان.
يمثل وصول هؤلاء الأطفال الأربعة والخمسين إلى سبتة تذكيرًا ملحا بالحاجة إلى نهج أكثر إنسانية تجاه الهجرة، نهجًا يُعالج الأسباب التي تدفع الناس إلى الفرار من بلدانهم. وبينما تُواجه سبتة وسائر أنحاء العالم هذا التحدي، يقع على عاتق السلطات والمجتمع المدني والمواطنين اتخاذ موقف مُلتزم تجاه حماية هؤلاء الأطفال و الشباب وسلامتهم.
لم يُثر وصول الأطفال المهاجرين الأربعة والخمسين إلى سبتة سلسلة من ردود الفعل بين السلطات والسكان المحليين فحسب، بل أعاد أيضًا فتح النقاش حول مسؤولية إسبانيا في إدارة الهجرة والمعاملة اللائقة للقُصّر.
من الضروري اتخاذ تدابير عاجلة وفعّالة لضمان حماية هؤلاء الأطفال، وتوفير ملاذ آمن لهم، ومستقبل حافل بالفرص.