Table of Contents
أطباء بريطانيون عادوا مؤخرا من قطاع غزة بعد أن ساهموا بخدماتهم الإنسانية والطبية لفائدة الفلسطينيين ضحايا الإبادة الجماعية الإسرائيلية.
في تقرير إعلامي نشره موقع “بوبليكو” الإسباني حول زيارة هؤلاء الأطباء البريطانيين لإسبانيا، سلط الضوء على اللقاء الهام الذي جمعهم وتبادلوا خلاله تجاربهم في العمل الطبي الإنساني الشاق في قطاع غزة بالرغم من ظروف الإبادة الجماعية والقتل و الحصار والتجويع.
العنف شامل ومستمر
ووفقا للتقرير وصف الأطباء البريطانيون الذين تطوعواا من أجل إنقاذ الفلسطينيين من الإبادة الجماعية الإسرائيلية، الرعب الذي كانوا يعيشونه كل يوم وسط المجاعة والقصف: “إنه الوضع الأكثر غرابة وتشاؤمًا”.
وأكدوا في وصفهم أن الوضع الحالي في غزة هو “الأكثر فسادًا ووحشيةً” على الإطلاق في القطاع، حيث العنف “شامل ومستمر” في سيناريو “غير مسبوق في تاريخ الصراع بين إسرائيل وفلسطين”.
يقول جيمس سميث، طبيب في غرفة الطوارئ، وله عدة مهام في القطاع الفلسطيني: “اليوم العادي في غزة هو يوم عنف شديد. يُصاب الناس بأبشع الجروح التي يمكن تخيلها، وهذا مسموح به”.
حقوق حيوانات بريطانيا أكثر من حقوق الفلسطينيين
يتذكر سميث اليوم الذي اضطر فيه للاختيار في وحدة العناية المركزة المزدحمة، من سيعطيه قارورة المورفين الوحيدة المتاحة لديه من بين عشرات ضحايا الهجوم الإسرائيلي. كان من بينهم طفل مصاب بإصابة دماغية داخلية لم يستطع فعل شيء حيالها.
و حسب تعبير سميت الدقيق، كما نقله تقرير “بوبليكو”: للحيوانات في المملكة المتحدة حقوقٌ أكثر من حقوق الفلسطينيين في أي مكان آخر في العالم.
الجوع أصبح سلاحا من أسلحة الحرب
وبدعم من منظمة “آفاز” غير الحكومية، وجه الأطباء دعوة للحكومات الأوروبية وكبار المسؤولين إلى ترجمة الأقوال إلى أفعال”.
تقول الطبيبة “آنا جيلاني”، جراحة عظام الأطفال إنها شهدت أوضاع الإبادة الجماعية الإسرائيلية في قطاع غزة، وهي تتفق مع الطبيب سميت على ان الوضع لا يقارن بما عاشوه في مهامهم الأخيرة، لان الجوع أصبح سلاحا من أسلحة الحرب.
كيف ألحق سوء التغذية دمارًا هائلًا!
وتتذكر جيلاني، التي حاولت العودة آخر مرة في فبراير من هذا العام، رغم احتجازها، كيف ألحق سوء التغذية دمارًا هائلًا بعظام الأطفال في أكتوبر 2024 لدرجة أن جروحهم لم تُشفَ بالمرة.
وقال الطبيب سميث: “اتضح أنه في غزة، لم يعد بإمكاننا الحديث عن الضحايا في أسابيع أو أشهر، بل ساعات”، واصفًا الوضع بالمروع الذي تتسبب فيه حكومة نتنياهو لسكان غزة، مؤكدا، “أخبرني صديق عزيز قبل أسبوع الذي عملت معه لمدة شهرين العام الماضي أنه يُفضل الموت في غارة جوية إسرائيلية على الموت بشكل طبيعي لأنه لا يجد الطعام والماء”. ومثله، يعاني 2.1 مليون فلسطيني آخر من هذه المعضلة.
لا يزال الطعام والدواء اللذان يمكن أن ينقذا حياة الفلسطينيين في حالة حصار بالحافلات والشاحنات، لا تفصل بينهما سوى 15 كيلومترًا. ويؤكد قائلًا: “إنه الوضع الأكثر غرابة وتشاؤمًا الذي يمكن للمرء أن يتخيله”.
مجاعة مستحثة
ويوضح الطبيب المذكور أن المجاعة في غزة “ليست كالمجاعة التي عانت منها اليمن وجنوب السودان وهايتي.
إنها مجاعة مُستحتة، تهدف أيضًا إلى تقويض نشاط ومعنويات وصحة العاملين في مجال الرعاية الصحية، حيث يجد الأطباء والممرضون أنفسهم، على الرغم من تدريبهم على العمل في أقسى الظروف، يتحولون الآن إلى مرضى. هناك أطباء ينهارون أثناء إجراء العمليات.
من الصعب العثور على كيس دقيق. لديّ صديقة زوجته حامل ولم تأكل منذ ثلاثة أيام. هذا هو الواقع الآن”.
القطاع سيحتاج إلى مساعدات لعقود
يصر الأطباء في تأكيداتهم على ضرورة وضع “نهاية فورية للعنف واستعادة تدفق المساعدات الإنسانية”، لكنهم يشيرون إلى أن القطاع سيحتاج إلى مساعدات لعقود عديدة لإعادة بناء مستشفياته ومدارسه ومنازله. ومع ذلك، فإن آثار هذه الوضعية على الصحة البدنية والنفسية لسكانه لا رجعة فيها.
يختتم سميث قائلا: “كل ما هو مطلوب هو إرادة سياسية لإنهاء العنف والوحشية. على المديين المتوسط والطويل، سيحتاج فلسطينيو غزة إلى دعم سياسي ومالي ومادي لإعادة الإعمار والتعافي. جميع الدول، وخاصة تلك التي التزمت الصمت، لديها التزام أخلاقي خاص يجبرها على المساهمة في هذه العملية”.