إسماعيل طاهري
لقد خدلتنا آلة تنظيم الإنتخابات
لمرات ومرات ولم نعد نثق بها
في كل مرة نقول هذه المرة ستسلم الجرة لنكتشف أن طرق التزوير تتجدد ويتم ايهامنا أنها جديدة عن مصالح الداخلية نفسها. والحقيقة غير ذلك.
فهل نصدق الخطاب الرسمي الأخير لوزير الداخلية في لقائه مع الأحزاب في تطوان؟
نحن في أمس الحاجة الى أفعال وليس أقوال.
يجب مثلا إعادة النظر في القاسم الإنتخابي وعدم إجراء الانتخابات النيابية والجهوية والمحلية في يوم واحد.
- يجب تشكيل لجنة وطنية للإشراف على الإنتخابات تحت إشراف القضاء.
يجب إعادة النظر في نمط الإقتراع. وفتح حوارات جهوية ومحلية حول التقطيع الإنتخابي.
- يجب محاربة استعمال المال الحرام.
يجب على الادارة التزام الحياد الإيجابي وإنفاذ القانون بالحزم والقوة اللازمين.
- على الهاكا التدخل لإلزام الإعلام العمومي بالتزام الحيادية والمهنية.
- يجب تشكيل مكاتب التصويت من أعضاء محلفين وليس من مريدي السلطة وعديمي الضمير.. وكل مكتب تصويت يرأسه قاض.
- يجب إجراء الإنتخابات في وقتها وعدم رهنها بقرار الحكومة. فالدستور يحدد بدقة المدة الانتدابية للمؤسسات المنتخبة.
للأسف جزء من هذه المطالب تعبنا من تكرارها لعشرات السنين، لكن نجد أن معدل الإلتزام بها ضعيف وكيفية تطبيقها تشوبها خروقات كثيرة. وفي كل استحقاق انتخابي نكتشف أننا لم نتقدم كثيرا.
كان من المفترض أن يشرف رئيس الحكومة على الإعداد للإنتخابات، ويبدو أن تكليف وزارة الداخلية بفتح المشاورات مع الأحزاب يقلل من الإشراف السياسي، ويفتح الباب أمام وزارة الداخلية لهندسة الخريطة السياسية كما اتفق. وهه الهندسة ستكون وفق أجندة ضبطية لا تسمح بحدوث مفاجآت في النتائج. وإذا توطد هذا الإشراف فلا يمكن تصور فوز اليسار مثلا بالإنتخابات أو فوز إسلاميي بنكيران بها مرة أخرى.
وسينحصر الصراع بين ثلاثي الأحرار والإستقلال وبام الأصالة والمعاصرة، وقد تضاف اليه الحركة الشعبية.
وهنا سنسقط في صحة المقولة القائلة: “في المغرب يتغير كل شيء من أجل أن لا يتغير شيء” كما وصف الباحث الأمريكي جون واتربوري الوضع السياسي في المغرب في كتابه الشهير ” أمير المؤمنين” الصادر بداية السبعينات.
….
عندما نشتكي من استعمال المال وشراء ذمم الناخبين في المغرب ونعتبره لب قضية الفساد الإنتخابي تتحدث النيابة العامة أنها لا تتوفر على شكايات، وما قدم من شكايات لا تحترم شكليات الشكايات او غير مسنودة بأدلة وشهود واذا كانت هناك ادلة فهي في حاجة الى خبرة واعادة بحث, وهل الشكاية كيدية أو عادية او مباشرة، فيدخل المشتكي في دوامة تنتهي بالالتفاف وربما لف الحبل على عنقه واتهامه بازعاج السلطات وتقديم شكايات كيدية تهدف الى المس بصورة المملكة وتقاليدها المرعية في نزاهة الانتخابات..ولذلك أغلب الشكايات تكون شفهية او عبر الهاتف وقسم آخر من المواطنين يخاف من “سين وجيم وسير وجي” ويتخلى نهائيا عن فكرة تقديم الشكاية الى القضاء فيقدمها الى الله
أما أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي فلا يعيرون اهتماما لهذه الخروقات التي يعتبرونها غير مؤثرة على السير العام للعملية الانتخابية ويسخرون من مبلغ 200 درهم الذي يشتري به اباطرة الانتخابات أصوات الناخبين وتزداد سخريتهم من تهم تنظيم ولائم وحفلات إنتخابية انطلاقا من كون الانتخابات في أمريكا وأوروبا تتم باستعمال المال وصرفه على تنظيم اللقاءات والحملات وتوفير النقل والأكل للمشاركين في الحملات والجمهور الناخب لذلك تسارع هذه الدول الى الاشادة بالانتخابات المغربية اعتبارا لتنظيمها في وقتها وقيام عشرات الأحزاب وآلاف المرشحين بحملات انتخابية مكثفة لمدة أسبوعين في سلمية تامة وتقيد ظاهر باحترام القانون. علاوة على انخراط الإعلام العمومي والصحافة المحلية في تغطية الحملات بشكل يحترم دفتر التحملات الذي تحدده وتراقبه الهاكا ووزارة الداخلية. وتشيد الدول الغربية بفتح مراكز الاقتراع في كافة ربوع المغرب وإغلاقها في وقت محدد بالدقيقة والثانية، ويركزون على أهمية مرور الانتخابات في أجواء سلمية ولم يتخللها عنف وان مكاتب تسيير الجماعات والجهات والأقاليم والعاملات والغرف المهنية والبرلمان والحكومة ستكون على قاعدة نتائج الانتخابات وهذا هو الأساس بالنسبة لمعاييرهم في تقييم الانتخابات في الدول النامية والصاعدة السائرة في طريق الديمقراطية.
…..

اسماعيل-طاهري.jpg