“النسبية”
عاشت فرنسا أمس الأربعاء يوما نضاليا استثنائيا في كافة مدنها وبلداتها جراء الأزمة السياسية التي عصفت بحكومة الرئيس مانويل ماكرون بعد أن سحب البرلمان ثقته من رئيس الوزراء برانسوا بايرو،
حشود هائلة من العمال والطلاب ومختلف المنظمات
يومية اليسار اللاتينية التي اهتمت إعلاميا بالتطورات الجارية في فرنسا، سلطت الضوء على الحركة النضالية العامة ليوم أمس والتي انخرطت فيها حشود هائلة من العمال والطلاب والمنظمات الاجتماعية والسياسية والنقابية، حيث أفادت باجتياح الأزمة السياسية والمالية للبلاد.
وأوضحت أن اقتراح ميزانية التقشف والإصلاح الذي طرحه رئيس الوزراء، والذي كلفه حياته يوم الاثنين الماضي، تم التصويت عليه بالرفض وبحجب الثقة عنه، وهو ما أعقبه
اندلاع للإضرابات والاعتصامات والمظاهرات والمسيرات على الصعيد الوطني، مسجلة وقوع مواجهات في عدة مدن بين المتظاهرين والقوات الأمنية التي مارست القمع عليهم في محاولة منها لفض حركتهم النضالية من دون جدوى.
فرصة للنضال لاستعادة المكاسب
وأشارت يومية “اليسار اللاتينية” أن يوم الاثنين، أدى تصويت بحجب الثقة في البرلمان إلى شلل رئيس الوزراء فرانسوا بايرو، بعد محاولته إقرار “مقترح ميزانية غير شعبي، والذي تضمن تعديلات وتخفيضات باسم التوازن المالي، في ظل الإنفاق العسكري الضخم للدولة الفرنسية”.
وأضافت أن التعديلات المدرجة في الميزانية أغضبت العمال والقطاعات الشعبية، ولم يكتفوا بالدعوة إلى احتجاجات الأربعاء دون انتظار قادة النقابات العمالية، الذين لم يقترحوا سوى 18 سبتمبر، بل رأوا فيها فرصة للنضال لاستعادة المكاسب التي انتزعتها منهم حكومة تمر حاليًا بأسوأ أزماتها”.
وأشارت يومية “اليسار اللاتينية” إلى بيان منشور بموقع “بوليتيس” الرقمي من قبل 300 من قادة وممثلي النقابات المختلفة العاملين في قطاعات الطاقة ومصافي النفط والسكك الحديدية والنقل الحضري والرعاية الصحية والصناعة والخدمات العامة والتعليم وغيرها.
وفي متن البيان نقد موجه للقيادات النقابية على ما شاب عملها السابق من سلبيات، بينها المواقف التي أضرت بمعركة المعاشات التقاعدية وبخوضهم سنة 2023 لإضراب عام ضد استراتيجية النقابات العمالية الداعية إلى أيام عمل متواصة.
تمرد على القيادات النقابية وعقلية البيروقراطية
وفي نفس السياق الانتقادي، يشيرون في بيانهم بانهم لن ينسوا “أن قادة نقاباتنا أداروا ظهورهم لحركة “السترات الصفراء” في بداية حركتهم”
وأضاف البيان: “خلال الصيف، تبلور الغضب الشعبي حول موعد “قطع كل شيء” في العاشر من سبتمبر. ورغم أن بعض المنظمات، مثل الكونفدرالية العامة للعمال ونقابة “سوليدير”، دعت إلى التعبئة في هذا اليوم، اقترحت النقابة المشتركة تاريخًا آخر، هو الثامن عشر من سبتمبر، وتجنبت العاشر. وبررت النقابة الفرنسية للعمل هذه الاستراتيجية بتوضيح أن “هناك حاجة إلى شخص ما” وأن المتظاهرين في العاشر لن يجدوا من يتحدثون إليه”.
و فيما يشبه تمردا على القيادات النقابية وعقلية البيروقراطية التي تستبد بسلوكها النضالي المتهور، تشكلت، حسب اليومية المذكورة، في المدن الفرنسية الكبرى جمعيات عامة لمختلف القطاعات لتنظيم احتجاجات يوم الأربعاء، متجاوزةً أهم القيادات النقابية.
مسيرات، حصار، إضرابات… وقمع
وفي وصفها لحالة النضال الاستثنائي ليوم امس، قالت يومية “اليسار اللاتينية”، في عشرات المدن، مثل باريس ونانت ومرسيليا وليون ومونبلييه، أغلق مئات المتظاهرين عدة محطات حافلات ومدارس وطرقًا في الصباح. وأعقبت هذه التحركات مظاهرات حاشدة استقطبت عشرات الآلاف من الناس. وفي حوالي الساعة الخامسة صباحًا، عُقد اجتماع عام في مصفاة توتال نورماندي بالقرب من لوهافر، حيث أيد الإضراب ما يقرب من 30% من المشاركين. وصرح أليكسيس أنطونيولي، من نقابة مصافي نورماندي: “إن التنظيم الشعبي هو ما سيمكننا من بناء حركة قوية تعكس الرفض العميق لسياسات ماكرون”. وفي مصفاة توتال فيزين بمقاطعة الرون، أضرب ما يقرب من 40% من عمال المصافي.
وفي قطاع النقل، أقيمت حواجز ونظمت اعتصامات في محطات الحافلات وهيئة النقل بالسكك الحديدية، بينما شهدت محطتا الحافلات في بيليار (الدائرة الثامنة عشرة) ولاني (الدائرة العشرين) ديناميكيات متباينة، حيث هاجمتهما الشرطة.
وأضافت أن شركة السكك الحديدية الوطنية الفرنسية، امتد فيها الإضراب و تأثرت حركة المرور بشدة. بينما في منطقة باريس، تأثرت أيضًا عدة خطوط بالإضراب. وفي المركز الفني لنفس الشركة بشاتيون، حظي الإضراب بدعم واسع، حيث شارك فيه أكثر من 80 في المائة من المضربين من عدة فرق. بالإضافة إلى ذلك، عُقدت جمعية عامة مع أنصار المضربين يوم الأربعاء.