Table of Contents
أصدرت محكمة في سان سلفادور عاصمة السلفادور حكما نافدا مدته 15 سنة على ثلاثة ضباط عسكريين بتهمة قتل أربعة صحفيين هولنديين خلال الحرب الأهلية الي اندلعت في أمريكا الوسطى عام 1982.
ووفقا لأحكام الإدانة الموزعة على الضباط المتهمين، فإن المحكمة قد أدانت كل من وزير الدفاع الأسبق الجنيرال، “خوسي غييرمو غارسيا”، البالغ من العمر 91 سنة، ومدير شرطة الخزانة السابق العقيد، “فرانسيسكو موران، 93 عاما، والعقيد، ماريو أدالبيروتو رييس مينا، 85 سنة، وكان قائدا سابقا للجيش في منطقة تشالاتيتانغو.
المحكمة مهدت لتسليم ضابط موجود في أميركا
و سبق لوكالة “اسوشيتد برس” أن أشارت إلى وجود الضباط العسكريين السابقين غارسيا و موران تحت حراسة الشرطة في مستشفى خاص في سان سلفادور بينما رييس مينا الموجود حاليا في الولايات المتحدة الأمريكية، فإن المحكمة العليا قد مهدت للببدء في عملية تسليمه إلى بلده السلفادور ليقضي فيها محكوميته.
بفضل المجهودات المستمرة لأفراد أسرة الصحفيين الأربعة و زملائهم و منظمات حقوق الإنسان و السفارة الهولندية لأمريكا الوسطى في كوستاريكا، خرجت قضيتهم من السر وحالة الصمت الطويل مند انتهاء الحرب الاهلية، إلى العلن، بحيث لا أسرة الصحفيين المغتالين ولا المدافعين عن قضيتهم من مختلف الهيئات، قبلوا بسردية السلطات السلفادورية التي كانت تزعم فيها ان الصحفيين الهولنديين الأربعة قد انتهى بهم المطاف في المكان الخطأ في الوقت الخطأ، غير أن الحقيقة ظهرت بعد أن تبث أن قتل الصحفيين الأربعة كان متعمدا و مخطط له.
تعاطف الضحايا مع نشطاء حرب العصابات
والجدير بالذكر أن لجنة الحقيقة و المصالحة التابعة للأمم المتحدة لعام 1993 حققت في جرائم الحرب الأهلية في السلفادور، و أنجزت تقريرا يفيد بأن الصحفيين الهولنديين الأربعة (كوس جاكوبس اندريس كوستر، و يان كورنيليوس كوبير يوب، و هانز لودفيك تير لاغ ، ويوهانس يانج ويليمسن) تم اغتيالهم في كمين أمر به القائد الأسبق رييس مينا .
وجاء الصحفيون الهولنديون إلى السالفادور بهدف توثيق آثار الحرب الأهلية على الأسر الريفية الفقيرة من الشعوب الأصلية التي كانت تتهمها السلطات العسكرية السلفادورية بالتعاطف مع نشطاء حرب العصابات.
وتمكنت المحكمة العليا، سنة 2018، من إعادة فتح محاكمة نفس الضباط بنفس التهم المنسوبة لهم في قضية الصحفيين الهولنديين، بعد أن تبين لها عدم دستورية العفو الذي استفادو منه عندما انتهت الحرب الأهلية(1980 – 1992)
يستفاد من المصادر الإعلامية ان وزير الخارجية الهولندي، رحب بقرار الإدانة الصادر عن المحكمة في السالفادور، التي اشارت إلى انه في عام 2022 تحركت عائلات الصحفيين ضحايا الإغتيال رفقة ممثلي الدبلوماسية الهولاندية والاتحاد الأوروبي من أجل محاكمة الضباط المتورطين في القتل
قرار المحكمة إشارة في مكافحة الإفلات من العقاب
وأوضحت المصادر الإعلامية ان المحكمة التي أصدرت حكم الإدانة على الضباط الثلاثة، أدانت الموقف السلبي للدولة، وأكدت أن عليها أن تعتدر رسميا لعائلات الضحايا، فيما وجدت منظمات حقوق الإنسان السلفادورية ان قرار المحكمة بالإدانة هو إشارة مهمة في مكافحة الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة خلال الحرب الأهلية.
وثقت وسائل الإعلام في السالفادور وغيرها، وصول الصحفيين الهولنديين الأربعة، في 24 فبراير 1982، إلى فندق “ألاميدا” في سان سلفادور، للقيام بعملهم في إعداد تقارير إعلامية عن الحرب الأهلية السلفادورية لفائدة إذاعة عامة هولندية.
فاراباندو مارتي تحالف يساري مسلح
وحسب الوثائق، فإن جنودا من كتيبة “أتونال”، هاجموا في منطقة “شالاتينانغو”، يوم 17 مارس 1982، وقتلوا أربعة صحفيين هولنديين وعددًا متنازعًا عليه من مقاتلي جبهة فارابوندو مارتي للتحرير الوطني.
و مما هو معريوف، على نطاق واسع، أن الحرب الأهلية بين سنة 1980-1992 جرت بين حكومة السلفادور (الجيش والميليشيات اليمينية) المدعومة من طرف الولايات المتحدة الأمريكية و جبهة فارابوندو مارتي للتحرير الوطني) تحالف يساري مسلح (مدعوم من طرف كوبا، نيكاراغوا، الاتحاد السوفيتي آنذاك.
أسباب الحرب الأهلية
على غرار ما ينسبه المراقبون الدوليون للحكومة من فساد و قمع السياسي وانتهاك لحقوق الانسان، كانت قوى اليسار تتقاطع مه هده التقديرات في أسباب الأزمة السياسية و الاقتصادية السابقة على الحرب الاهلية التي كانت نتيجة لها.
في هدا السياق فيم المراقبون الاختلالات وعدم المساواة الاقتصادية وغياب العدالة الاجتماعية، والاغتيالات والانقلابات التي تقع بشكل متواصل بالتوازي مع الاضطرابات الاجتماعية وكان آخرها انقلاب عام 1979 وما خلفه من قتل لبعض المتظاهرين الدين احتجوا عليه.
التوقيع على اتفاق للسلام بالمكسيك
وثقت الأمم المتحدة نتائج الحرب الأهلية حيث أسفرت عن مقتل 75 ألف مدني واختفاء 8 آلاف شخص، مسجلة في نفس الوقت حالات كثيرة من انتهاكات لحقوق الانسان بما فيها الاختطافات والقتل والتعذيب التي كانت تمارسها قوات الأمن الحكومية وفرق الموت في حق المتعاطفين مع جبهة فارابوندو مارتي للتحرير الوطني.
الحرب الأهلية التي دامت 12 سنة في السلفادور، انتهت، بعد مفاوضات ماراثونية برعاية الأمم المتحدة التي دامت سنتين، بالتوقيع على اتفاق للسلام بالمكسيك.